الأراء

نضال الوعي والتاريخ يعيد نفسه “بقلم وهاب أبو شهاب الاحوازي”

إن انتفاضة العطش في 15 تموز 2021م قد دفعت نضال شعبنا العظيم الى القمة في الكون وفي نفس الوقت كشفت عنصرية النظام الإيراني للعالم، وخاصة أسلوبه القذر ضد شعبنا العربي الاحوازي، والذي بقي صامداً أمام هذه الانظمة الحاكمة . فهذه الانتفاضة كانت سبباً وراء تحرك كل القوميات التي تعيش في جغرافية إيران، وخاصة الإخوة اللر والبختيار، فهؤلاء قد شاركوا بشعارات حياة الشعب العربي الأحوازي، وقد أعلنوا التضامن مع شعبنا وتجديد ذلك الحلف السابق الذي قد حدث سنة 1924م بين ممثلي الشعب العربي الأحوازي واللور والبختيار بقيادة الخان (أمير مجاهد) والشيخ خزعل حاكم الأحواز وأطلق عليه حلف(لجنة السعادة)- بالفارسية (كميته قيام سعادت).

والهدف من قيامه هو مواجهة تهديد رضا شاه لهذه الشعوب.  فأصبح الحلف المذكور مانعاً أمام غزو رضا شاه تلك الشعوب، وعندما فشلت مهمته ومعه الإنكليز غزو المنطقة لجأ هؤلاء إلى خطة خطف الأمير خزعل.

من هنا جاء موقف الإخوة اللر والبختيار في انتفاضة تموز عندما خرجوا في مدنهم ، فكان موقفهم قولاً وفعلاً يعبر عن التضامن  مع الشعب العربي الأحوازي، وإعادة تجديد حلف أجدادهم لمواجهة رضا شاه ومعه الإنكليز الذين خدموا مصالحهم  الرأسمالية في السيطرة ونهب ثروات هذه المنطقة الغنية، لأن بلاد فارس في تلك الفترة كانت تعاني من الفقر والتخلف، فطلبت بريطانيا من رضا شاه العمل على تنفيذ خطة إدخال الحداثة- مدرنيته إلى هذه البلاد ومنها التصنيع الغربي وتحرير المرأة ونزع الحجاب، وإغراق أسواق إيران بالبضاعة البريطانية بحجة ثورة التجديد. إن الإيرانيين قد نسبوا هذا التغيير في الوعي إلى فكر رضا شاه وهو الذي لم يكن يعرف شيئاً من علم التكنولوجية. فهو يعرف فقط قراءة وكتابة أسمه، ولم يكن مدركاً أن هذا التطور الكبير أساسه فكر وصناعة الإنكليز، فهؤلاء هدفهم أن تستهلك إيران الجديدة بضاعتهم المغرية.

عملية اختطاف دولة الأمير خزعل وملابساتها 

 حينما كانت بريطانية تفكر في استمرار هيمنتها والحفاظ عليها في الشرق الأوسط وبتحديد تركيا وإيران، فكان خوفها مبرراً بسبب ثورة أكتوبر الشيوعية في روسيا والتي لها حدود جغرافية مع الدولة الإيرانية والتركية. فكان على بريطانيا التصدي للتيار الشيوعي كي لا يحرض الدولتين الأخيرتين ضدها ويهدد مصالحها، لهذا بريطانيا جاءت بأتاتورك الى حكم تركيا ورضا خان إلى حكم إيران واعطتهما الخطة لعمل رفورم لكي لا يتأثران بالثورة البلشفية، وقد جاء هذا في كتاب(توسعه مدرنسيم وإسلام گرائي در ايران وتركية) لكاتبه (الدكتور اير ملو). )وقد جاء ضمن الخطة أن يتم خلع شيخ خزعل امير الاحواز الذي كان نوعاً ما يتمتع بحكم الاحواز وذلك تحت الحماية الإنكليزية بحكم سيطرتها على الشرق وكان الجميع تحت حمايتها. وأما خزعل كان متمرداً على الإنكليز ولم يكن يدفع إليهم العوائد وقد أصبح عائقاً أمام استراتيجية بريطانيا.

لذلك في تاريخ 1303شمسي المصادف 7 أكتوبر عام 1924 وبايعاز من بريطانيا إلى رضا شاه تم اصدار الأمر إلى الجنرال فضل الله زاهدي أن يقوم بمهمة تجهيز جيشاً ويتحرك إلى مدينة باب هاني وكان عدد أفراد هذا الجيش 600 فرداً إضافة إلى طائرتين، وقد خسر المعركة مع جيش شيخ خزعل، وكان رضاخان وزيراً للدفاع في حينه كما جاء في كتاب(سه روي داد وسه دولة مرد للكاتب الدكتور هوشنگ نهاوندي).

 وفي المقابل عند منطقة زيدون كان جيش خزعل مقاوماً وبمشاركة حلفائه الٌلر بقيادة أمير مجاهد، وأعداد أفراد الجيش  6000 مقاتلاً  والأكثر هم من رجال عرب الاحواز، فيما الجنرال زاهدي يقول: إنه  من الصعوبة جداً الانتصار على جيش شيخ خزعل.

  في النتيجة لم يستطيع رضا خان القضاء على شيخ خزعل عن طريق الحروب، ولذلك بريطانيا وجدت أن الحروب لن تجدي نفعاً واستمرارها في منطقة الاحواز يلحق الضرر بمصالحها وخاصة أنابيب النفط التي كانت ممتدة في كافة مناطق الاحواز. فقد وضعت خطة سريعة وبدون خسارة لضمان سلامة أنابيب النفط، والخطة قد كتبت رسالة من طرف الدولة الإيرانية بعنوان اعتراف باستقلال دولة عربستان بقيادة شيخ خزعل وقد حمل الرسالة وفداً كبيراً بقيادة الجنرال زاهدي وبعد تسليمها إلى شيخ خزعل، فحسب الخطة يطلب الجنرال زاهدي من الشيخ خزعل عمل سهرة وحفل بمناسبة استقلال(عربستان) وفي نهاية الحفلة أيضاً يطلب زاهدي من الشيخ خزعل نقل الحفلة الى يخته والذي كان راسياً في شط العرب امام قصره، وكما يقول المثل (بلع الطعم) ووافق على جميع مطالب جنرال زاهدي التي هي ضمن الخطة المرسومة وخزعل لا يعلم بها، والجنرال زاهدي قد أمر ضابطاً من القوة البحرية  باسم (سرهنك شوكت- نقيب) مع مئة من خيرة الجنود أن يأتون على متن  بارجة عسكرية من ميناء بوشهرين الى المحمرة طبق الخطة والأوامر المسبقة وحمل رسالة سرية وأن لا تفتح الرسالة الا حينما يبقى 3 ميلاً بحرياً للوصل إلى مصب كارون في شط العرب، وبعد إنتهاء الحفل وكان الوقت متأخراً اصطف الجنرال زاهدي جنب الأمير خزعل ورجاه ان يكمل الحفل في يخته وأسمه المحمرة وكان راسياً في شط العرب، والجنرال زاهدي وبعد نقل الحفل الى اليخت، قد طلب مرة ثانية من الشيخ أن يسير اليخت في شط العرب وحينما وصل إلى مصب كارون وهنا كان الظلام دامساً وقد وصلت البارجة الإيرانية بقيادة النقيب شوكت فاصطفت وبسرعة إلى جانب يخت الشيخ وصعد عليه عدد من الجنود الإيرانيين المسلحين وتم أسر الشيخ خزعل وابنه الكبير وحاشيته وتم سحب اليخت عن طريق نهر كارون إلى منطقه المارد ومن هناك تم أخذ الشيخ وابنه شيخ عبد الحميد وكبار ديوانه إلى طهران. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى