الأراء

الأسرى الاحوازيين بقلم اميد محسني

إن من حق الإنسان في كل مكانٍ، وفي أي زمانٍ، وأياً كانت جنسيته وجنسه، ومذهبه وعرقه، ولغته  ولونه، أن يتمتع بالحرية. هذا حقه، يولد معه، ويرافقه حتى وفاته، وحين يحاول الاحتلال انتزاع حقه الطبيعي هذا منه بالقوة، يمنحه القانون الدولي كما تمنحه الطبيعة الإنسانية الحق في الدفاع عن أرضه وحريته.

 هذا بالضبط ما حصل مع الشعب الأحوازي حينما احتل النظام الايراني الارهابي أرضه، وسلبوا حريته. فكان لابد من الدفاع عن حقوقه، ومقاومة الاحتلال بقوة الحق وسلاح المقاومة. فكان النضال الأحوازي المستمر. إن مقاومة الاحتلال شرفٌ تعتز به الشعوب؛ فما من شعب كريم وقع تحت الاحتلال إلا و مارس المقاومة، وما من شعب قاوم الاحتلال إلا ونال حريته. لقد أيقن الشعب الأحوازي هذه الحقيقة منذ بدايات الاحتلال الايراني، وعلى مدار خمسة و تسعون عاماً متواصلة قدم أرقاما خيالية من الشهداء والأسرى.

 وإذا كان الشهداء قد رحلوا بأجسادهم عنا ودُفنوا في باطن الأرض ولكن يبقوا في الذاكرة المواطن الاحوازي وضميره ونكمل طريقهم، و الأسرى قد غُيبوا بداخل السجون، ونالوا أشد العذاب والحرمان من غاصب أرضهم، وسالب حريتهم. إن هؤلاء الأسرى، في الوعي الجمعي الأحوازي، ليسوا مجرد أبناء الوطن المغيبين، بفعل السجن، بل هم أبطال ناضلوا وضحوا، فأفنوا زهرات شبابهم خلف قضبان السجون، من أجل الأحواز و مقدساتها، وهم أيقونات الحرية، الذين ينتظر شعبهم عودتهم. وحتى تتحقق هذه العودة، يرى الشعب الأحوازي أن من حقه المطالبة، لهؤلاء الأبناء، بالمعاملة الكريمة التي يستحقها مناضلو الحرية وفقا للقوانين والمواثيق الدولية إن قضية الأسرى تعتبر جزءا أساسيا من نضال الاحزاب و المستقلين و الناشطين لتحرير الوطني الأحوازي، أرسخ دعائم مقومات القضية الأحوازية، وتحتل مكانة عميقة ومتقدمة في وجدان الشعب الأحوازي، لما تمثله من قيمة معنوية ونضالية وسياسية لدى كل الأحوازيين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم.

 لقد فتح الاحتلال الإيراني سجونه ومعتقلاته، منذ بداية احتلاله للأحواز، ما يقارب من ألاف  احوازيين ، من كافة فئات وشرائح الشعب ، ذكورا وإناثا، أطفالا ورجالا، صغارا وشيوخا، منهم من تذوق ذلك بجسده، ومنهم من رأى ذلك على جسد غيره من أفراد أسرته أو أقربائه و جيرانه و أصدقائه.

 لقد شكّلت تلك الاعتقالات ممارسة يومية ودائمة، وأداة إيرانية للانتقام وبث الرعب والخوف في نفوس الأحوازيين والتأثير على توجهاتهم بصورة سلبية.

 كما تعتبر جزءا أساسيا من منهجية الاحتلال للسيطرة على الشعب الأحوازي، و وأد ثورته وإخماد مقاومته، وباتت الاعتقالات هي الوسيلة الأكثر قمعا وقهرا وخرابا للمجتمع الأحوازي.

 والأخطر من ذلك، وجود هذا التلازم المقيت والقاسي، بين الاعتقالات والتعذيب، بحيث يمكن القول إن كثير من مروا بتجربة الاعتقال، من الأحوازيين، قد شهدوا احد أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي، مما جعل من السجن الإيراني نموذجا تتجلى فيه الحالة الأسوأ في الاحتلال، على مدار التاريخ، لأن أهدافه وآثاره لا حدود مكتوبة لها، فهي تمس الجسد والروح، كما تمس الفرد والجماعة، وتعيق من تطور الإنسان والمجتمع.

 لذا فإن كان تحرير الأسرى ضرورة حيوية لتعزيز ثقافة الصمود والمقاومة، فإن التثقيف بخطورة الاعتقالات يُعتبر واجبا ملحا وضروريا لحماية المقاومة، وإن العمل من أجل مواجهة الاعتقالات ووقفها، بات ضرورة موضوعية لحماية المجتمع من خرابها ولقد فـرض السجن على الأسرى الأحوازيين حياة لا تطاق؛ فعذاباته لا تنتهي بمجرد الخروج منه، بل تتواصل آثارها إلى ما بعد التحرر، لأنها تورث أسقاما مزمنة في الجسم وفي النفس معا.

 هناك من بين الأسرى کثیرون يقضون أحكاما بالسجن المؤبد لمرة أو مرات عدة، وهناك من كبر وشاب وهَرم و ماتوا في السجن،

 كل هذا رغم حقيقة أن تجارب صمودهم وخطواتهم النضالية وإضراباتهم عن الطعام الجماعية والفردية لا تزال تشكل نماذج فريدة ومميزة، في الوعي الجمعي الاحوازي، وأن السجان الاحتلال الايراني بسلوكه الشاذ لم يفلح في انتزاع الأحواز من قلوبهم، كما لم ينجح في تغييب قضية حرية الأحواز عن عقولهم واهتماماتهم. فكانت السجون مكانا للإعداد والتثقيف، وشكَّلت رافدا مهما للثورة، ووقودا للمقاومة.

 الحرية للمعتقلين و الأسرى الذين في سجون الاحتلال و عاشت الاحواز حرة عربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى