الأراءالشأن الأحوازيالشأن العربي والدولي

المحلل السياسي صلاح أبو شريف لـ”حفريات”: لا نستبعد نقل الملف النووي إلى مجلس الأمن القومي الإيراني، الأمر الذي سيمكّن الملالي من كسب المزيد من الوقت

 12/09/2021

بينما تواجه المحادثات النووية في فيينا تشدّداً إيرانياً، رغم الوساطات العديدة التي تقوم بها القوى الغربية، الأمر الذي قد يعيق مواصلة الجولات التفاوضية، التي توقفت منذ قرابة شهرين ونصف، دون الوصول لأيّ نتائج أو أفق؛ تتحرّى الولايات المتحدة بحث مجموعة من البدائل والمقترحات، مؤخراً، بخصوص احتمالية عدم عودة طهران لطاولة الحوار، ومن ثمّ إخفاق إحياء الاتفاق النووي.

واشنطن وإيران.. المواجهة الحتمية

وفي ظلّ تحركات الولايات المتحدة الخارجية للاستعداد لكافة السيناريوهات أمام تشدّد طهران، والتي يقوم بها المبعوث الأمريكي الخاص بإيران، روبرت مالي؛ فإنّ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بعث برسائل متفاوتة للغرب وواشنطن؛ إذ أكّد استعداده لاستئناف المفاوضات النووية، لكن ليس تحت وطأة أيّ “ضغط” غربيّ، وقال إنّ طهران تسعى للمحادثات في فيينا بحيث تؤدي لرفع العقوبات الأمريكية.

اقرأ أيضاً: كيف ماطلت إيران في الاتفاق النووي بعد اتصال فرنسا؟

وفي مقابلة مع التلفزيون الرسمي بإيران، مطلع الشهر الحالي، قال رئيسي: “الغربيون والأمريكيون يسعون وراء محادثات مع الضغط.. لقد أعلنت بالفعل أنّنا سنجري محادثات بناء على أجندة حكومتنا، لكن ليس تحت ضغط”، وتابع: “المحادثات على جدول الأعمال.. نسعى من أجل مفاوضات تفضي إلى تحقيق الهدف.. وهو رفع العقوبات عن الأمة الإيرانية”.

وقد قام المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران، نهاية الأسبوع الماضي، بعدة جولات خارجية لجهة بحث مسألة الاتفاق النووي مع إيران، وكذا المسارات المحتملة للمفاوضات بفيينا، في حال أصرّ النظام في طهران على فرض شروطه “غير الواقعية”، فضلاً عن الاستمرار في خرق بنود الاتفاق، حسبما تشير تقارير الهيئة الدولية للطاقة الذرية، ورفض مراجعة السلوك الإقليمي.

اقرأ أيضاً: الملف النووي الإيراني يدفع طهران إلى المبالغة في رسم قوتها

وبدأت جولة المبعوث الأمريكي لشؤون إيران، الأربعاء الماضي، في موسكو، ثم من المتوقع أن ينتقل إلى باريس؛ إذ غرّد مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف؛ بأنّ “موسكو مستعدة للحوار مع واشنطن بشأن الاتفاق النووي”، وأردف: “روسيا مستعدة لدعم الحوار حول الاتفاق النووي مع زملائنا الأمريكيين”.

وبحسب وكالة “رويترز”؛ فإنّ مالي سيلتقي بمسؤولين روس، خلال زيارته لموسكو، كما سيجتمع بمسؤولين آخرين من بريطانيا وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، لافتة إلى أنّ “المحادثات لن تركز على اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المقرر الأسبوع المقبل، بل ستركز على الدبلوماسية النووية مع إيران، وإلى أين ستتجه”.

ماذا بعد أن ينفد الصبر الأمريكي؟

وتابعت: “ما تزال (واشنطن) لا تعلم متى يمكن استئناف المحادثات التي تهدف إلى إحياء الاتفاق فيما يحرز البرنامج النووي الإيراني التقدم، لكن سنبحث في النهج الذي سنتبعه إذا خلُصنا إلى أنّ إيران غير مهتمة بالعودة للاتفاق، أو إذا كان لديها تصوّر عن عودة بشروط لن تقبل بها واشنطن، بالتالي، علينا بحث هذه البدائل”.

وبدوره، حذّر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، من انتهاء المهلة أمام إيران للعودة للاتفاق النووي، وقال: “لن أحدد موعداً لذلك، لكننا نقترب من مرحلة تصبح معها العودة الصارمة للامتثال بخطة العمل الشاملة المشتركة لا تعود بالفوائد التي حققها الاتفاق”.

المسارات المستقبلية المتوقعة حيال الملف النووي سوف تسجّل “تقارباً في المواقف بين إسرائيل والولايات المتحدة، خاصّة بعد زيارة رئيس وزراء إسرائيل ووزير الدفاع والموساد لواشنطن

وفي حديثه لـ “حفريات”، يقول المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني، ومسؤول العلاقات الخارجية لجبهة الشعوب غير الفارسية بإيران، صلاح أبو شريف، إنّ إيران منذ بداية نشاطها النووي، عام 2006، تعتمد إستراتيجية الوقت، بينما تقوم بـ “المماطلة”، لإطالة أمد المفاوضات في الشأن النووي، حتى يتسنى لها أن تحقق أهدافها الإستراتيجية للوصول لصناعة القنبلة النووية، وذلك في مخالفة للقانون الدولي، وكذا قوانين وكالة الطاقة الذرية، ويضيف: “تستمر طهران على النهج نفسه، حتى اليوم، معتمدة على المتغيرات الإقليمية، والتناقضات بين الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل”.

ويلفت المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني ومسؤول العلاقات الخارجية لجبهة الشعوب غير الفارسية بإيران، إلى أنّ طهران “تعوّل كثيراً على موقف روسيا والصين، وهما الداعمتان الأساسيتان لسياسات إيران النووية والإقليمية، بسبب خلافاتهما الإستراتيجية والاقتصادية والعسكرية مع الولايات المتحدة وأوروبا”.

توظيف طهران الخلافات بين القوى الكبرى

وبسؤال أبو شريف عن احتمالات نقل الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن القومي عوضاً عن وزارة الخارجية، بحيث يصبح الأول هو المسؤول عن التفاوض، كما هو الحال في مرحلة ما قبل الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، يجيب: “لن نستبعد نقل الملف النووي إلى مجلس الأمن القومي الإيراني، الأمر الذي سيمكّن الملالي من كسب المزيد من الوقت، وإبعاد المؤسسات الحكومية الرسمية عن المواجهة مع الدول الأوروبية وأمريكا، نظراً لوجودهم في قوائم الإرهاب الدولية”.

أما فيما يخصّ الموقف الأمريكي والأوروبي والإسرائيلي، فيؤكد أنّه “غير متجانس؛ إذ إنّ كلّ طرف يبحث عن أجندته الاقتصادية والأمنية، وهذا ما تنجح طهران في استغلاله وتوظيفه لحسابها، خاصة بعد التراخي الكبير في الموقف الأمريكي، إثر هجمات إيران على السفن التجارية والتهديدات البحرية”.

المحلل صلاح أبو شريف لـ”حفريات”:  لا نستبعد نقل الملف النووي إلى مجلس الأمن القومي الإيراني، الأمر الذي سيمكّن الملالي من كسب المزيد من الوقت

واللافت أنّ تحركات المبعوث الأمريكي تتزامن والتقرير الأخير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤخراً، والذي يشير إلى خروقات جديدة وإضافية لبنود الاتفاق النووي؛ حيث أكّد أنّ طهران تضاعف من مخزونها لليورانيوم المخصّب.

كما ألمحت الوكالة الدولية إلى أنّ النظام في طهران يفرض قيوداً عديدة على برامج المراقبة الأممية، ويمنع وصول المراقبين الدوليين للمواقع النووية، فضلاً عن فشل النظام في تقديم تفسيرات حول وجود اليورانيوم بمواقع نووية سرّية؛ حيث إنّ مخزون طهران يشمل 10 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%.

بيد أنّ النظام الإيراني لم يعقّب على التقرير الأخير للوكالة، بينما اتهمها بمحاولة “تضخيم” قضية الخروقات النووية.

الاستفادة الإيرانية من الموقفَين الروسي والصين

وفي اللقاء الذي جمع المبعوث الأمريكي الخاص بإيران ونائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، المسؤول عن الملف النووي، في موسكو، قال الأخير إنّ موسكو تأمل “ألا تعمد الولايات المتحدة والغرب إلى تعقيد الموقف بشأن عملية العودة للاتفاق النووي”، مؤكداً أنّ موسكو تدعو طهران إلى “التفاهم مع الأطراف الأخرى حول هذا الموضوع”.

وشدّد ريابكوف على ضرورة عدم “تكرار واشنطن وحلفائها بالغرب ما حدث في الماضي؛ مما يؤدي إلى تعقيد الموقف إلى حدّ كبير من خلال البيانات والأفعال العملية”.

ومن ناحية أخرى، عرج المسؤول الروسي على “مماطلة” طهران، وقد دان الكرملين السلوك ذاته؛ حيث أكّد الأول على ضرورة “إبداء التفهم المطلوب في هذا الشأن، وبذل جهود إضافية لتسوية الملف، ومن ثم ضرورة تكثيف المباحثات في فيينا بشأن استعادة خطة العمل المشترك”، كما لفت إلى أنّ “فترة توقف (المفاوضات) طال أمدها”.

تتفق والرأي ذاته التصريحات الصادرة عن المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، والتي قالت إنّ “تصرفات إيران لإنتاج معدن اليورانيوم وزيادة قدرات تخصيب اليورانيوم تتعارض مع خطة العمل الشاملة المشتركة لتسوية البرنامج النووي الإيراني”، مشيرة إلى أنّ موسكو “تدرك أنّ تصرفات إيران ترجع إلى عدم إحراز تقدّم في استعادة الصفقة”.

وبحسب الدبلوماسية الروسية؛ فإنّ “تصرفات إيران تعدّ انحرافاً آخر عن الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي”، غير أنّها دانت “العقوبات الأمريكية أحادية الجانب ضدّ إيران والدول الثالثة المتعاونة معها”، وتابعت: “ومع ذلك، فإنّنا نشعر بالقلق من أنّ هذا يزيد من إبعادنا عن الهدف المنشود، وتظلّ مهمة تهيئة الظروف للتنفيذ المستدام للاتفاقيات الشاملة أكثر صعوبة”.

ووفق المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني ومسؤول العلاقات الخارجية لجبهة الشعوب غير الفارسية بإيران؛ فإنّ المسارات المستقبلية المتوقعة حيال الملف النووي، سوف تسجل “تقارباً في المواقف بين إسرائيل والولايات المتحدة، خاصة بعد زيارة رئيس وزراء إسرائيل ووزير الدفاع والموساد لواشنطن، وتشكيل فريق خاص مشترك لمواجهة الملف النووي الإيراني؛ ما ينذر بمتغيرات سريعة ومباغتة في الموقف المشترك، والذي من المرجّح أن تنضمّ إليه عدة دول بالإقليم، لديها مصلحة حيوية في مواجهة نشاط أو بالأحرى تهديدات طهران”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى