الأراءالشأن الأحوازي

واقع و مؤلم و خطير

قد لا يعد ذلك تحذيرا للرجل في مجتمعنا الاحوازي كما هو طلب للاهتمام و أخذ الحيطة و ايضا بذل المزيد من المرونة و الليونة في التعامل مع المرأة و الفتاة تحديدا و منحها شي من حقها في الاختيار بما تراه هي مناسب لحياتها و ازاحة السياج المحاطة به على اثر قوانين وضعتها القبيلة و اصبحت عرفا و شرعا في كثير من الأحيان مما انتج ذلك عدة معاناة و مشاكل عادة ما تكون العائلة بغنى عنها .
من المؤكد ان هناك فوارق شاسعة و اختلافات ثقافية واسعة بيننا و بين الفرس و اننا كاحوازيات نرفض و بشدة اي نوع ارتباط عاطفي او الزواج مع الفرس لأسباب عدة معروفة ،
انما هناك واقع مرير و خطير علينا تقبله :
هل نعلم كم من فتاة أحوازية تتمنى الزواج من رجل فارسي ، ليس لأجل شي سوى لانه و بشكل عام لا يعرف العنف و القسوة ضد المراة ، فالفرس لا ينتمون لقبيلة و لا دين ، قد يكون هذا السبب الاساسي ، حتى القوانين الإسلامية التي فرضتها الانظمة على مجتمعهم اللاديني لم تغير من حياة الرجل الفارسي في تعامله مع المراة و لم يحتجز شي من حريتها و هناك امور قد تتساوى بها المرأة مع الرجل لذا لم تواجه ذلك الظلم و العنف .
لقد وضعت القوانين في ايران على اساس إسلامي بحت و هذا يعني اتاحة المزيد من الحريات للرجل انما لم يغيير ذلك من تعامل الرجل الفارسي مع المراة على سبيل المثال ؛ القانون الايراني يسمح للرجل بالتعددية في الزواج لكن قليلا جدا ما قام به الرجل الفارسي الا في حالات نادرة و باعذار مقبولة لدى المجتمع الفارسي . و ايضا لم يفرض الأب او الاخ رأيه على الفتاة بما يخص اختيار شريك حياتها كما يحدث في المجتمع الاحوازي .

بالمناسبة ، علينا ان نذكر ان الرجل الاحوازي افضل بكثير من رجال اغلب البلدان العربية في معاملته مع المراة ( حسب دراسة قصيرة قمت بها قبل سنوات ) ، متأثرا في ذلك من الاندماج و الارتباط مع المجتمع الفارسي لكن ذلك ليس كافيا لامتناع بعض فتياتنا الاحوازيات من الحد لأمنيات الزواج برجل فارسي و علينا تقبل هذا الأمر المؤسف و الوضع الخطير للغاية ، انها ظاهرة تهدد مستقبل لمجتمع العربي الاحوازي بشكل جدي ، فالفتاة الاحوازية الان اصبحت تسير في طريق معرفة حقوقها التي سلبتها القبيلة و قوانينها الذكورية الجافة و منها المأخوذة من قوانين تنسب للشرع و الدين ،،فهذا بحد ذاته ينتج عدم تمسك الفتاة بالأمور الشرعية او الدينية التي تراه اليوم ظالما جبارا يحطم كيانها الخاص و يراه المجتمع الذكوري خط احمر بالنسبة لقوانين القبيلة و العرف السائد في المجتمع .
السبب المعروف الاخر ضمن أسباب هذه الظاهرة هو الوضع المادي المزري الذي خطط له النظام من خلال هجمة شرسة استهدفت جيل الشباب و كان من اهم سياساته الظالمة التي تركت اثرا عميقا في مجتمعنا من خلال تفشي البطالة و الفقر حيث سبب ذلك كوارث اخرى استهدفت جيلا باكمله فبات يصعب على اي شاب الزواج و الاستقرار و تكوين العائلة ، و من الطبيعي جدا ان يشكل إصابات و أضرار اخرى تطيح بالمجتمع و منها العنوسة و ربما تفشي الفساد و اللجوء الى المخدرات لدى الشباب و بالتالي ترى الفتاة ان الزوج الجاهز المناسب هو الشاب الفارسي و ليس العربي و من حقها و هي بعنفوان الشباب او المراهقة ان تعيش حياتها فترى ذلك افضل من انتظار شاب عربي قد لا يأتي ابدا .

و المؤلم اكثر ان بالرغم من إثبات الفشل في علاقات زواج الفرس مع العربيات او العكس بسبب وجود اختلافات ثقافية عديدة يحملها الطرفين الا ان ذلك ايضا لم يمنع حدوث هذه الظاهرة التي تتزايد يوم بعد يوم .
لذا علينا برفع أسباب العنف و القسوة و ايضا بذل المزيد من الاحترام لحريات الفتاة و تقبل كيانها الخاص الذي تبحث عن استقلاله بشكل يمنحها الشعور بالحرية تتناسب مع متطلباتها لهذا العصر من الوعي و الانفتاح ، كما يبدو اننا قد نسينا ان كل انسان في حال تغيير و الفتاة الاحوازية ليست مستثناة من المماشاة مع التحديث و التنوير ، فعلينا أخذ ذلك بعين الاعتبار قبل حدوث خسائر لا يمكن تعويضها في المستقبل القريب .

امنة هاني
2020/3/21

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى