الأراءالشأن الأحوازي

الأحواز العربية القضية المنسيّة والحقوق المسلوبة/الجزء الأول

الأحواز العربية  القضية المنسيّة والحقوق المسلوبة 

الجزء الأول

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية.

12 آذار 2021

الكثير الكثير يجهل تاريخ الأحواز العربية ،  ويجهل أن هذا الأقليم هو جزء من الوطن العربي ، والشعب الأحوازي هو شعب عربي أصيل وله تاريخ في حماية ودعم الأمن القومي العربي،  ومع إحتلاله بات أمن الدول العربية وخاصة الخليج مهدد بشكل مستمر نظرا” لوجود الإقليم في قلب منظومة الأمن القومي العربي.  فالأحواز العربية ليست الأرض العربية الوحيدة المحتلة، ولكنها القضية الوحيدة المنسيّة منذ ما يقارب ال 100 عام تحت الإحتلال الفارسي والتي تُعد أطول فترة إحتلال في العصر الحديث.  فإدعاء ملكية أي منطقة جغرافية لا يجوز ان يستند على فترات الإحتلال ، وإنما يستند الى العناصر الحضارية والثقافية المُكوِنة لهذه المنطقة وترابطها مع محيطها الطبيعي، وهذا ما ينطبق على منطقة الأحواز العربية  حيث تاريخها وإنتمائها العربي يدحض إدعاءت الفرس بأنها أرض فارسية. وهذا الوضع وجب أن يكون داعيا” لتبني قضية الأحواز ومساندة الشعب العربي الأحوازي في حق تقرير مصيره وحريته من الإحتلال الإيراني.

موقعها الجغرافي واهميته

الأحواز هي إقليم عربي يقع إلى الجنوب الشرقي من العراق، وتُشكل القسم الشمالي – الشرقي من الوطن العربي، وتطل على رأس وشرق الخليج العربي من بعد مضيق هرمز باب السلام  وشط العرب من خلال حدودها الجنوبية. يحدها من الغرب محافظتا البصرة وميسان(العمارة) العراقيتان، ومن الشرق والشمال ما بعد الجبال العربية التي هي جزء من  سلسلة جبال زاجروس التي تُعتبر الحاجز الجغرافي الطبيعي الذي يفصل بين الأحواز وإيران، مما يجعل منهما منطقتين مختلفتين كليا” في الخصائص الجيولوجية والحياتية. 

تبلغ مساحة الأحواز  (عربستان )الحقيقية 420.000 كلم مربع، ولكن الإحتلال الإيراني إقتطع في عام 1936 مساحات واسعة من أراضيه وضمته إلى ولايات أخرى مجاورة ، بهدف تقليص مساحة الأقليم الجغرافية وإلغاء أواصر الوحدة بين مكوناته. والمساحات المٌقتطعة حسب دراسة لموقع “معرفة” هي:

1. (11.000 كلم مربع) أقتطعت من الجزء الجنوبي لعربستان وضُمّت إلى محافظة فارس الإيرانية.

2. (10.000 كلم مربع) أُقتطعت من الجزء الشرقي لعربستان وضُمّت إلى محافظة أصفهان.

3. ( 4.400 كلم مربع) أقتطعت من الجزء الشمالي لعربستان وضُمّت إلى محافظة لرسان.

وبذلك يكون مجموع المساحات التي قضمتها دول الإحتلال الفارسى من إقليم عربستان (الأحواز) 25.400 كلم مربع.

السكان: 

 في غياب أي إحصائيات رسمية وفي ظل سياسات التعتيم التي تنتهجها سلطات الإحتلال ، يصعب معرفة التعداد الحقيقي للسكان،  لتعدد المصادر وتفاوت المعلومات حول هذا الموضوع، بعض المصادر تقول أن عدد السكان العرب الأصليين يبلغ 12 مليون نسمة، والبعض الآخر 10 ملايين نسمة، ولكن حسب تقرير لمركز  الجزيرة للدراسات ، إن آخر تعداد للسكان أجري عام  2017  حيث يبلغ عدد السكان محافظة (خوزستان) – إحدى المحافظات المحتلة- 4.710.000  نسمة ووفقا” للإحصاء الإيراني، ( تُقسم الأحواز الى محافظات حديثة التأسيس منها عيلام، بشهرين وهرمزجان، كهكَوليله، لرستان وفارس). يشكل العرب 33% من مجموع السكان، وتليه نسبة الفرس إلى 31.9% واللر 30.2% والأكراد 1%، إضافة إلى قوميات أخرى، أما مدينة الأحواز فيزيد عدد سكانها وفق إحصاء أُجري في 2017 عن 1.300.000 نسمة.

الأهمية الإقتصادية/ الإستراتيجية للأحواز

إن عدم توفر دراسات وإحصاءت محايدة عن الثروات والموارد الإقتصادية في الأحواز نتيجة الرقابة المشددة التي تخضع لتوجهات الدولة الإيرانية، وضع الباحثون في مأزق عند تقديم أي دراسة علمية، بسبب هذه الرقابة وبسبب التلاعب بالأرقام والإحصائيات التي تتحدث عن الموارد الإقتصادية في الأحواز ، لهذا يلجأ الباحثون في دراساتهم إلى مصادر غير رسمية.

لإقليم الأحواز العربية أهمية إقتصادية كبيرة كون يضم أكبر مخزون نفط وغاز في العالم التي  يعتمد عليها الإقتصاد الأيراني بشكل أساسي  ، إذ أن إنتاج النفط الخام يأتي في المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية، إضافة إلى غنى الإقليم  زراعيا”،  حيث يضم مساحات واسعة من الأراضي الرسوبية الخصبة التي تساعد على تنوع الإنتاج الزراعي.

 أما أهمية الأقليم الإستراتيجية تتجلى في موقعه على خليج العربي ، الذي يصل بين آسيا الغربية وأوروبا من جهة ، وبلاد الشرق الأقصى من جهة أخرى.

تاريخ الأحواز 

يعود تاريخ الأحواز العربية إلى  أكثر من سبعة الآف سنة ، وحسب بعض الدراسات التاريخية فإن إقليم الأحواز العربي الجذور والهوية والتاريخ والجغرافيا، كان ضمن دولة حمورابي، ويعود وجود العرب فيه إلى سنة 311 قبل الميلاد. حيث قامت على أرضه الحضارة العيلامية وهي على غرار الحضارات البالبلية والأشورية والسومرية في بلاد ما بين النهرين. مما يؤكد التجانس بين هذه الحضارات العربية في ذاك التاريخ والتي لا صلة لها ببلاد فارس. ومنذ انتصار العرب على الفرس في معركة القادسية وإقليم الأحواز تحت حكم الخلافة الإسلامية ويتبع لولاية البصرة ، ومن بعد نشأت الدولة المشعشعية العربية واعترفت بها الدولة الصفوية والخلافة العثمانية كدولة مستقلة إلى أن نشأت الدولة الكعبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها حتى سقوطها على يد الشاه بهلوي ففي عام 1920م . فقد اتفقت بريطانيا مع إيران على إقصاء أَمير الأحواز (عربستان) وضم الإقليم إلى إيران حيث منح البريطانيون الإمارة الغنية بالنفط إلى إيران بعد اعتقال الأمير خزغل الكعبي، وبعدها أصبحت الأحواز محل نزاع إقليمي بين العراق وإيران وأدى اكتشاف النفط في الأحواز وعلى الأخص في مدينة عبدان الواقعة على الخليج العربي مطلع القرن العشرين إلى تكالب القوى المتعددة للسيطرة عليها.

الطبيعة السكانية للأحواز 

تعود جذور الشعب الأحوازي إلى العديد من القبائل العربية أشهرها قبيلة بني كعب  وبني طرف” وبني طي، وبني أسد وبني ربيعة  إضافة إلى قبائل عربية اخرى الذين كانوا يمتلكون جميع السواحل الشرقية للخليج العربي، كما كان يقطنها أقليات دينية أخرى مثل الصابئة والمسيحيين واليهود.

 يتميز تاريخ عرب  الأحواز  بمخزون أدبي وفقهي خاص بهم ، وقد بلغت ذروة النهضة الأدبية والثقافية الأحوازية إبان حكم المشعشعين والكعبيين ما بين أواخر القرن السابع عشر والقرن التاسع عاشر. 

محاولة طمس الهوية العربية  للشعب الأحوازي وتغيير الطابع العربي للإقليم.

لقد عمد الإحتلال الفارسي في عهد الشاه للتغيير الديمغرافي للشعوب الخاضعة لسلطات إيران، وخلع عنهم هويتهم الأصلية لإذابتهم في الحياة الفارسية،  على سبيل المثال لا الحصر ، إجبار الأحوازيين على إرتداء الملابس الفارسية وخلع الحجاب…. وقد استكملت ” الجمهورية الإسلامية” ما بدأه الشاه وبطريقة اسوأ واخطر وأعنف. ففي نيسان/ابريل 2005 إندلعت إنتفاضة كبرى على أثر تسريب وثيقة منسوبة لحكومة  الرئيس الإيراني خاتمي تنص على تفريس ثلث سكان الأحواز وتوزيعهم على مختلف المناطق الإيرانية ، أو تهجير الأهالي واستبدالهم بالفرس في ظل أوضاع إقتصادية صعبة ، رغم أن نفط الأحواز هو عصب إيران الإقتصادي ، إذ ينتج الأقليم ما قرابة 80% من نفط إيران وغازها الطبيعي. ومع ذلك يعيش في الأحواز أفقر شعب في أغنى منطقة.

ومنذ ما يقارب ال 100 عام وحتى اليوم يسعى المحتل الإيراني إلى زيادة نسبة غير العرب في الأحواز وتغيير الأسماء العربية الأصلية للمدن والبلدات والأنهار وغيرها من المواقع الجغرافية في منطقة الأحواز، فمدينة المُحمّرة على سبيل المثال أصبح اسمها (خرم شهر) وهي كلمة فارسية بمعنى البلد الأخضر، والأحواز أصبحت (الأهواز) وميناء خور عبدلله أصبح (ميناء بندر شهبور) وغيرها من الأسماء التي اُستبدلت إلى أسماء فارسية ، نفس الأسلوب التي يستخدمه الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.  كما طالت عمليات تغيير الطابع العربي كافة جوانب الحياة في الأحواز ،  هدفها فرض الثقافة الفارسية للأقليم المُحتل.  فقد حرّم الإحتلال التحدث باللغة العربية في الأماكن العامة ، ومن يخالف ذلك الأمر يتعرض للعقاب لأن التحدث باللغة العربية جريمة يعاقب عليها القانون الفارسي،  فقررت إيران بأن تكون مناهج الدراسة في المدارس باللغة الفارسية فقط، ولا يجوز التحدث بأي لغة أخرى. كما قامت سلطة الإحتلال بإصدار صحيفة باللغة الفارسية سميت بجريدة “خوزستان” وألزمت سكان الأحواز على شرائها وقرائتها.  كما مُنع الأحوازييون من تسمية مواليدهم بأسماء عربية ومُنع إرتداء الزي العربي وأُسُتبدل باللباس البهلوي الفارسي. 

ولكن  الشعب الأحوازي بقي متمسك بهويته العربية وثقافته رغم كل أنواع المنع القمع والإضطهاد التي تمارسها سلطة الإحتلال، التي لم تفلح في محو ونزع الإنتماء القومي والعروبي  لشعب الأحواز. 

سنتناول في الجزء الثاني إنتهاكات حقوق الإنسان في الأحواز.

مصادر:

https://www.marefa.org/

http://www.saaid.net/

https://www.al-jazirah.com/

https://aawsat.com/home/article/1405001

https://www.alarabiya.ne

Elhajre/posts/469980453406683

https://www.aljazeera.net/encyclopedia/citiesandregions

https://studies.aljazeera.net/ar/reports/2018/09/180930092119361.htm

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى