الشأن الأحوازي

”الأحواز أولاً “ المعيار المقدس! بقلم حسن راضي

تبرز جدلية ثنائية المبادئ والمصالح نفسها بقوة عند كل نقاش حول الأوطان أن كانت محررة او محتلَة كما هي حال الأحواز. البعض يعّرف المبادئ بالضد من المصالح والأخيرة بالضد من الأولى أيضا.

قبل الخوض في علاقة المبادئ بالمصالح، علينا معرفة بان المصالح ثابتة وتتغير حولها جميع السياسات والعلاقات الدولية، ولا توجد مبادئ واحدة متفق عليها، بل بعضها يتغير وفقا للمعطيات مثل المبادئ الفلسفية والعلمية، وبعضها ثابتة لدى مجتمعات معينة في حين نفس تلك المبادئ لا تقر بها مجتمعات أخرى مثل المبادئ الدينية. فتنوع المبادئ يأتي من تنوع الشعوب والمجتمعات ومتطلباتها ومعتقداتها، فهنالك مبادئ فردية ومجتمعية ومبادئ ديمقراطية ومبادئ وطنية ودينية وغيرها، حيث أصبحت حتى الشركات الإقتصادية والمؤسسات الرياضية لها مبادئ تحث المنتمين بتلك المؤسسات الإلتزام بها وعدم مخالفتها.

بمعنى آخر ان المبادئ يمكن ان تتغير من مجتمع لآخر أو من بلد لآخر ومن عهد زمني لآخر، على سبل المثال عند ما إنتصرت ثورة فرنسا الكبرى في القرن الثامن عشر وضعت فرنسا في ما بعد مبادئ سمتها مبادئ الثورة الفرنسية. وبعد الحرب العالمية الثانية وضعت الدول المنتصرة مبادئ عامة للإنسانية المتمثلة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ما يهمنا هنا المبادئ والمصالح المتعلقة بوطن او مجتمع ما، ويمكن تسميتها ”المبادئ الوطنية“ و”المصلحة الوطنية“.
إذن المبادئ هي قوانين وقواعد لتنظيم عمل الإنسان وعلاقاته وسلوكه في المجتمع لتحقيق الأهداف، مثلا مبادئ حقوق الإنسان هدفها تطبيق العدالة والمساواة و.. بغية تحقيق سعادة الإنسان، وهكذا المبادئ الدينية هدفها النهائي تنظيم حياة الإنسان للوصول إلى السعادة في الحياة الآخرة كمحصلة ومصلحة نهائية، كما تهدف مبادئ المؤسسات بكل تنوعها الوصول الى الأهداف المرسومة ماديا أو معنويا على الصعيد الفردي أو الجماعي لنيل مصلحة فردية أو جماعية. أما المبادئ العلمية والفلسفية والرياضيات فهي إطر أو ثوابت للوصول إلى الحقيقة أو الحلول المرجوة.

من هنا نستطيع القول بانه لا يوجد تناقض أو تضارب ما بين المبادئ الوطنية والمصلحة الوطنية، بل العكس تماما يجب ان تكون بوصلة مبادئنا الوطنية نحو تحقيق مصلحتنا الوطنية المتمثلة بالإستقلال أو ممارسة حقوقنا والتمتع بحريتنا وثرواتنا ليكون الإنسان الأحوازي يعيش بسعادة التي يرسمها ويختارها لنفسه.

هل يتعارض مبدأ ”الأحواز أولا “ مع القضايا العربية أو القضايا الإنسانية العادلة الأخرى؟! طرحت هذا السؤال متعمدا لان البعض لديه توجسا او فهما خاطئا بان التمسك بهذا المبدأ أحوازيا يتعارض ويتناقض مع المبادئ العربية وقضاياها العادلة؟!

أعتقد جازما بان العمل الخالص من أجل الأحواز فقط من قبل الأحوازيين بغية الوصول لهدفهم المقدس لا يضر باي قضية عربية، بل هو لصالحهم ويصب لمصلحتهم الإستراتيجية.
الجميع يعي جيدا بان قضيتنا الأحوازية من قلائل القضايا التي لم يتم تبنيها أو دعمها بشكل أساسي لا من قبل الدول العربية ولا من قبل الدول الأخرى، هذا من جهة. أما من جهة أخرى إمكانياتنا نحن الأحوازيون لأسباب عديدة بقت متواضعة، لذلك علينا التكاتف وجمع قوانا النضالية نحو بوصلة واحدة في ظل متغيرات كبيرة ومتسارعة وظروف صعبة وعلاقات متشابكة وفي غاية التعقيد على الصعيد الإقليمي والدولي عنوانها العريض هي ”قضيتي ومصلحتي أولا“. هذا هو ”الواقع المرير“ الذي قد بنى وما زال يبني عليه الجميع دون إستثناء دول وحكومات أو حركات سياسية وتحررية، سياساته ويحدد علاقاته مع الآخر. المتغيرات الكبيرة التي عصفت وما زالت تعصف بالعالم بشكل عام وبمنطقتنا العربية بشكل خاص غيرت الكثير من المفاهيم وحتى المبادئ السامية.

لم يبقى العدو والصديق والتعامل مع بعضهما كما كان في الماضي القريب، أصبح العدو اليوم يتعامل مع عدوه ويدعمه في بعض الملفات ويضربه في ملفات أخرى، علاقات واشنطن مع روسيا والصين وإيران والدول العربية نماذج لتلك العلاقات، وهكذا علاقات روسيا والصين مع إيران من جهة ومع الدول العربية من جهة أخرى، وعلاقات إسرائيل وحماس مع بعضهما، نماذج أخرى.

إذن في ظل تلك التعقيدات، مقولة ”الأحواز أولا“ يجب اللا تكون شعارا، بل مبدأ أصيلا من مبادئنا الوطنية لتحقيق المصلحة الوطنية، بالأحرى يجب أن تكون ”المعيار المقدس“ لتحديد أولوية عملنا وبوصلة مواقفنا وسلوكنا وحتى تصريحاتنا الإعلامية والسياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى