الأراء

العاشر من ديسمبر اليوم العالمي لحقوق الانسان ومعاناة الشعب العربي الاحوازي

بقلم : صلاح أبو شريف الاحوازي

تذكرني هذه المناسبة بأيام الثانوية في قريتي العزيزة أبوحميظة  حين كنت طفلا وذهبت الى المدرسة وانا الف على رقبتي كوفية ابي رحمه الله من برد الشتاء و لاعتزازي بها وطردني مدير المدرسة السيد الجلالي بعصبية طالبا مني ان اعود للمنزل و اتركها هناك من ثم ارجع للمدرسة … تذكرني هذه المناسبة بأيام الاعدادية حين كنت طالبا في مدرسة الخفاجية (بهشتي) و كنت حينها اكتب ما يدور في خلدي على لوحة حائط المدرسة والتي عادتا تكون مملوء من اسماء الائمة و الاحاديث و اخبار الحرب المفروضة على العراق الشقيق ودعوة الطلبة للذهاب لجبهات القتال وغيرها , كما تذكرني بأستاذي العزيز الدكتور أبو احمد السالمي مدرس الادبيات الفارسية وقتها و هو يصيح بصوته العالي منبها الطلبة, انتبهوا ان اكثر الشعراء الذي يأتي أسماؤهم هنا في الكتب الدراسية هم ليسوا من الشعب الفارسي بل هم من العرب و الشعوب الاخرى و ان كتبوا بالفارسية ومنهم عبيد الزاكاني و السعدي  من  اصول عربية و شمس التبريزي  من الاتراك الازربايجانين , والعشرات غيرهم واحيانا يقولها ممازحا و مبتسما ليصل بالرسالة , لمن ينتمي عبيد !! او باللهجة الاحوازية الدراجة ياهو اسمه اعبيد ، تذكرني هذه المناسبة بابي رحمه الله عندما  كان يسحبني معه لدائرة الزراعة بالقرب من قرية الجلالية العزيزة مترجما له من العربية للفارسية عندما كان يريد شراء بعض الحبوب او السموم لمزرعته , اتذكر كيف كان يعبس وجهه عند ما كان يحتاجني لأترجم له خلال حديثه مع احد الموظفين و كان يعتقد اني لم اترجم له ما  يريد او المترجم لا يفهم حاجته عند ما نعود ولن نحصل على ما نريد عادتا.

 تسترجع بي الذاكرة و انا في العام الاخير من دراستي في الثانوية حين كانت جنوب أفريقيا تمارس العنصرية و شعبها يكافح للاستقلال و المساوات والحرية وكان منديلا بطلها وبطل الحرية رمزا لنا و لكفاحنا , استذكر حينها كتبت كلمة عن كفاح شعب جنوب افريقيا منددا بالعنصرية والاستعمار الاجنبي القيتها في صباحية المدرسة حيث تقرأ بعض الكلمات بعد سماع  النشيد الفارسي  ورفع العلم الايراني و الاستماع الى وصايا مدير المدرسة , كتبت في تلك الورقة التي احتفظ بها حتى الان , ان المستعمر البريطاني لجنوب افريقيا جعل عبر عقود  من العمل ضد السكان الاصلين ذات البشرة السمراء نظرة سيئة عن انفسهم  حتى اصبحوا يكرهون لونهم و يخجلون من بشرتهم و يعتبرون اللون الاخر هو اللون  السيد وهو اللون المفضل وهو اللون الفاهم و الذي يستحق السعادة و الرفاه و ما عليهم او واجبهم الا ان يعملوا ليل نهار لإسعاد المستعمر ذات اللون الابيض . كانت هذه الجمل مقصودة تماما و كنت اوجهها للطلبة التي ينظرون لي و لا اعرف هل وصلتهم الرسالة حينها ام لا , ولكن وصلت الرسالة لإدارة المدرسة و تم دعوتي لمكتب المدير حينها و طلب مني ان اوضح المقال , فكان ردي حينها انني اقصد الاستعمار البريطاني الذي يحتل  ويحكم في جنوب افريقيا ويضطهد شعبها و هو يدعي بالحرية و حقوق الانسان , و كنت اري في وجهه المدير عدم القناعة و لكنني رأيت حالت التأثر وفهم ما في اعماقي , كما تذكرني هذه المناسبة العظيمة عندما وقفت امام قاضي محكمة الثورة و هو المعمم ذات الوجه العبوس بعد اشهر من التعذيب الجسدي و النفسي , مكبلا وحيدا احسست بأن الجلاد غير ملابسه و لبس قناعا اخر وغير شكل دار التعذيب ليجعلها محكمة ! وهو ينظر بعيني سائلا! ماذا تريدون من حكومة الامام على و لماذا تعارضونها!! استغربت لسؤاله  , نحن نعارض الامام على ! المعروف بعدله و انسانيته و شجاعته وسجاياه الاخلاقية التي تحكي عنها الامم اجمع .كلا نحن ليس كذلك , بعد لحظات استجمعت حالي لاستذكر الشق الاخر للسؤال لماذا تعارضون حكومة الامام على !؟ و هنا دخلت في الشك ايضا هل انا في زمن الامام على و هل كانت حكومته الى هذا الحد ظالمة , حيث الحرمان و الاضطهاد والاسر و التعذيب و الاعترافات الاجبارية و التهجير و البطالة و العنصرية و المحاربة الثقافية و الهوية و اللغة العربية , أهكذا كان يحكم علي خليفة النبي و امام المسلمين ,كلا انني لا اعيش بزمنه و الحاكم ليس عليا ايضا , استدركت نفسي بعد لحظات لأرد عليه , لا ابدا نحن لن نقف بوجه حكومة الامام على و لن نريد اسقاطها و لكننا نريد رفع الظلم عن انفسنا , ظلما لا يرضى به الامام على ولا يقبل به الاسلام ,قال حينها, منذ 27 وعشرون عاما مضت اعطونا وقتا لنحقق لكم ما تريدون وهي حكومة علي , حكومة العدل و الانسانية و المساوات ! و من ثم طلب من الجنود سحبي لخارج ما سميت بغرفة المحكمة و منها اعادوني للزنزانة ليبلغوني بسجني خمسة اعوام في سجن كارون و 15 عاما حبس على الذمة او الجلوس في المنزل لفترة عشرة اعوام . وبعد ذلك لن انسى كيف كانت زوجتي الشابة و والدتي المسنة تقف لساعات طويلة تنتظر لتراني وبعد انتظارا طويل يخرج لهم العاملين في السجن ليقول لهم كلمة باردة انه ليس هنا اليوم راجعوا غدا ان شئتم !  ولن انسى كيف كانت تفترش الارض لتبيع القماش مثلها مثل عدد كبير من الامهات الاحوازيات  كي تعود للبيت بعد ذلك بما يعين العائلة على العيش و ابناؤها يتناوبون السجن الواحد بعد الاخر  ودون ادنى شك كل مواطن احوازي لديه ذاكرة واسعة من جرائم العدو الايراني !. بعد تلك الاعوام زاد الاضطهاد و الفقر و العنصرية و زاد القهر و الاعتقالات العشوائية و زادت الاعدامات و الاختطافات و هاجر الالاف من الاحوازيين من بلدهم الى اوروبا و امريكا و استراليا و كذلك ترك العديد من ابناء شعبنا الاحواز المحتلة بحثا عن العمل متجهين للمدن الفارسية , جففت الانهر و الاهوار و ماتت حتى المواشي و الطيور و انتشرت المخدرات و كثر الانتحار , كذلك زادت المقاومة الوطنية و الشعبية كما و نوعا , وخرجت من العمل السري التي قادته التنظيمات الاحوازية بكل شراسة مع عدم وجود التكافؤ للعمل العلني و تجسد ذلك بانتفاضة نيسان 2005 و هو مستمر حتى يومنا هذا وانتفض شعبنا ثقافيا و فنيا و اصبح رائدا في مقاومة الاحتلال الايراني و مدرسة يقتدى بها من قبل كافة الشعوب المحتلة و المضطهدة من قبل ايران و لكن بقيت المنظمات الدولية تتفرج و احيانا تصدر البيانات و الادانات لمن لا يسمعها ولا يعير لها اهمية ولا قيمة , هذه المنظمات التي بدأت عملها بعد الاعلان العالمي لحقوق الانسان ذلك الاعلان الذي

تستذكره شعوب العالم و مؤسساته الانسانية و احرار العالم كافة في العاشر من ديسمبر لما له من اثرا كبيرا على حياة الشعوب حيث قررت الامم المؤسسة للأمم المتحدة اصدار ميثاقا انسانيا يجمع البشرية بكل شعوبها و لغاتها و الوانها و اديانها و اجناسها تحت مظلة واحدة دون تمييز في الون و الديانة او اللغة او البشرة او ذكرا او انثى , كما اعتبر الميثاق ان ابناء البشر يجب ان يكونوا سواسية في الفرص و الحقوق السياسية و الاقتصادية و القانونية و الثقافية والمعتقدات السماوية والايدولوجيات البشرية.

تشير المادتين الاولى و الثانية للميثاق ما يلي:

المادة 1

يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء.

المادة 2

لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته.

 و عند مراجعتي للديباجة و للمادتين الاولى و الثانية و ليس كل مواد الميثاق المكون من ثلاثين بندا ونضع ما قامت بها سلطات الاحتلال الايراني من جرائم بحق شعبنا العربي الاحوازي في ميزان اعمالها نجد ان الجريمة الايرانية بحق الانسان الاحوازي لا يشبه لها جريمة منذ ان تم اقرار الاعلان العالمي لحقوق الانسان في العاشر من ديسمبر 1948 و هنا نتطرق للبعض منها.

 تنص المادة الاولى ان جميع الناس ولدوا احرارا وهم متساوون في الكرامة و الحقوق , و عند تتبعنا لهذين المفردتين اي الكرامة و الحقوق نجد عشرات النماذج الجلية في سحق الكرامة الانسانية للمواطن الاحوازي من قبل الاحتلال الايراني حيث الاحتلال العسكري لشعب و ضمه بقوة العسكر لبلد اخر و اجباره على تبعية قوانين و هويته و الانتماء اليه دون العودة لإرادة و اعتقال او اختطاف من يعارض و من ثم تعذيبه و اعدامه تعد جريمة ضد الانسانية كما يعتبر تهجير شعب بأكمله بالقوة القهرية و مصادرة ثرواته و توطين اخرين بدلا عنه جريمة تطهير عرقي يحاسب عليها القانون الدولي و هي جريمة ضد الانسانية و لكن للآسف الشديد كل هذه الشعارات و القوانين اصبحت تناقض نفسها و اصبح مشرعيها يتعاملون معها بازدواجية واضحة تقودهم فيها المصالح  والحسابات الاقتصادية و السياسية وتترك القيم الانسانية جانبا عندما يحين ذلك و تستخدم كل القوانين و القرارات عند ما تتضرر مصالح بعض مشرعي هذه القوانين و عليه يصبح الارهابي ابراهيم رئيسي رئيس لعموم ايران و ان لن تعترف به كل الشعوب غير الفارسية و معظم الشعب الفارسي و يصبح  اخرون مدافعون عن شعبهم و قضيتهم و الانسانية و منهم بعض الاحوازيون في السجون الأوروبية بتهم مصطنعة!! حتى يتضح لنا من جديد ان تعريف الحقوق و الاعتراف بها لا يعني تسليمها و لا إعطاؤها دون المطالبة بها و انتزاعها و دحر المعتدين بكل الوسائل وتقول المقولة الشهيرة اذا اردت ان يهابك الاخرون و تعيش بسلام عليك بالاستعداد دائما للحرب كي تضمن السلام و  الحقوق تنتزع و لا تعطى .

المركز الاعلامي للثورة الاحوازية

12 \12\2021

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى