علي مدي الاعوام ال٩٠ للاحتلال الفارسي الايراني للأحواز العربية ، مرّ النضال العربي الأحوازي المنظّم علي كثير من التجارب و الدروب و انحاز الي تيّارات عدة في بعض الأحيان طمعاً في الدعم الذي كان يتلقاه من أصحاب تلك التيارات و بقي ذو توجه مستقل في البعض الآخر ، وفقا لمصلحة الشعب الأحوازي .
معظم الدعم الذي تلقّاه الرواد الأوائل للقضية الاحوازية في العصر الحديث ، كان ينحصر علي الدعم الاعلامي كزوايا في الصحف للكتّاب الأحوازيين أو الداعمين للقضية أو نشر تقارير في بعض الصحف و المجلات بخصوص الأحواز المحتلة .
و مع مرور الأيام و التطوّر الذي شهده العالم في العقد الأخير ، و مع انتشار الفضائيات و مواقع التواصل الاجتماعية بشكل كبير في أنحاء المعمورة ، بتنا نري بين الحين و الآخر استضافات لناشطين سياسيين أحوازيين في بعض القنوات الخاصة و انطلاق بعض الفضائيات الأحوازية الغير مدعومة من أي جهة عربية ” رسمية ” خلال السنوات الاخيرة .
و جاء الربيع العربي أخيرا بعد طول انتظار ليغير المفهوم اللغوي لكلمة ربيع ، من موسم جميل بين الشتاء و الصيف ، الي معركة طاحنة بين الشعوب و الأنظمة الطاغية كاشفا الستار عن الحقد الدفين الذي يخفيه نظام الملالي في طهران علي كل ما هو عربي و اُسقط قناع الممانعة الذي كان يرتديه طاغية الشام و ملالي طهران . و استيقظ العرب من سباتهم و ذاقوا من نفس الكأس الذي تجرعه الشعب الأحوازي و مازال يتجرعه منذ الاحتلال ، بعد أن دُمّرت سوريا مهد الحضارات و قتل من أبناءها ما يقارب ال٦٠،٠٠٠ منذ بدء الثورة .
منذ ذلك الحين ، تخطّت معظم الانظمة السياسية العربية حاجز الصمت الذي التزمته طويلا ازاء الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الأحوازي و باتت معظم المحطات التلفزيونية و الصحف الرسمية و الغير رسمية منابر للناشطين السياسيين الأحوازيين و وصل الأمر ببعض الجهات الي افتتاح قنوات تلفزيونية خاصة بالأحواز .
رأيت أن أبدأ بالجانب الاعلامي و الدعم الذي تلقيناهُ من قبل كثير من الجهات لاسباب عدة سواء كانت قومية أو مذهبية أو حتي سياسية، لأن الأحواز كانت أرضا منسية بالنسبة للكثير من الاخوة العرب ، ما كان يستهلك معظم طاقات المثقف و الناشط السياسي الأحوازي و المنظّمات الأحوازية علي الفعاليات الاعلامية كشرح القضية الأحوازية و ابرازها للعالم .
أما الآن و قد أصبحت الأحواز علي كل لسان ، و يصدح الأحرار باسمها ليل نهار في كل موقع علي الشبكة العنكبوتية و في معظم القنوات العربية و الصحف قد بات من الضروري ، اتّخاذ خطواتٍ أكثر فاعلية و قوة من أجل غايتنا الأساسية و هي خدمة الفرد الأحوازي ، بغض النظر عن انتمائاته المذهبية أو السياسية .
أكتب هذه السطور و في قلبي أمل كبير بأن أري السياسيين الأحوازيين كأفراد أو منظمات ، علي طاولة واحدة ، يضعون بالخطوط العريضة ميثاق اتفاق و وحدة يدمج التنظيمات الأحوازية تحت راية واحدة هدفها خدمة المواطن الأحوازي و قضيته العادلة من أجل الاستقلال و الحرية .
لا يخفي علي المراقب لقضيتنا أن معظم نشاطات الأحوازيين من النخبة السياسية ، غالبا ما تهدف الي التعريف بالأحواز و قضية الأحواز ، و ليس الي التعريف بخطوات ملموسة و مؤثرة علي مصير النضال الأحوازي من أجل التحرير و هذا الأمر يشكّل عقبة في طريق كل من يحاول دعم القضية الأحوازية ، ذلك لان من يريد دعمنا سواء كان من جهة رسمية أو غير رسمية ، حتي و ان كان يستطيع الدعم في بعض المجالات ، الا انه لا يوجد عمق استراتيجي لاي دعم قد يُقَدّم في ظل غياب خارطة طريق مسنودة و متفق عليها من قبل جميع أطياف الشعب الأحوازي و المنظمات الأحوازية . ناهيك عن المحور الأساسي لهذه المقالة ، الا و هي الوحدة و تنظيم الصفوف بين التنظيمات الأحوازية ، فحتي و ان كان هنالك دول أو جهات سياسية ، تريد دعم هذا الشعب ، لا توجد قناة رسمية أحوازية تمثل جميع أطياف الشعب و تضم جميع تنظيماته ، قد يستطيعون دعمنا من خلالها .
حصلت بعض الاتفاقيات و كتبت بعض المواثيق التي اندمجت بعض التنظيمات علي اثرها ، و هذا أمر جيد و ممهد اساسي للوحدة الوطنية ، و لكن ما أقصده هنا ، هو اندماج كامل و شامل بين جميع السياسيين الاحوازيين و التنظيمات الاحوازية ، يذيب جميع أطياف السياسيين و الناشطين و المنظمات ، تحت راية الأحواز ، ممثلا الشعب الأحوازي في المحافل الدولية الخاصة أو الرسمية .
عوامل الفرقة الاساسية بين التنظيمات في الماضي ، كانت اختلاف التيارات التي تدعم التنظيمات الاحوازية اعلاميا و التي أحدثت فجوات بين العلماني و الليبرالي و الاسلامي و القومي الخ و الخاسر الوحيد في هذا الوسط كان الشعب الأحوازي . الآن و قد تلاشت القيود الاعلامية التي كانت عقبة في طريق كل أحوازي ، الآن و قد بات الكل يعرف ما هي القضية الأحوازية ، الآن و قد أصبحنا قاب قوسين أو أدني من تبني حكومات عربية كثيرة لقضيتنا العادلة بعد التدخلات الايرانية السافرة في البلدان العربية ، بات المعوّق الاساسي للدعم العربي الشعبي و الحكومي هو حالة الفرقة التي تسود الأوساط التنظيمية الأحوازية .
أتسائل أحيانا ، كيف لنا أن ندير الأحواز علي هذه الحال ، بعد التحرير؟
كيف لنا أن نوحّد شعبنا في ظل حكومة تمثل جميع أطياف الشعب ، إن لم نكن قادرين علي توحيد صفوفنا كناشطين سياسيين و تنظيمات؟
تسائلت كثيرا عن سبب امتناع الحكومات العربية عن دعمنا في ظل ما تعانيه البلدان العربية من العنجهية الايرانية ، حتي انني بتت أنادي بالتركيز علي طلب الدعم من الشعوب العربية بدلا من الحكومات بعد طول خذلانهم لنا!
و لكن في قرارة نفسي ،أضع بعض اللوم علي و علي إخوتي الأحوازيين ، أفراد و تنظيمات ، ذلك لأنه بعد توافر كل الظروف المساعدة باتت فرقتنا هي العقبة الأساسية في طريق التحرير و هذا أمر لن يقدر أحد علي مساعدتنا في اجتيازه ، ما لم نقم به نحن أنفسنا .
أغلب الأحوازيين أمثالي ، ممن يستطيعون الكتابة و التعبير عن آرائهم أو القيام بنشاطات سياسية ، بدون خوف من الاعتقال أو التعذيب من قبل المحتل أو الدول المساندة له ، يعيشون في الدول الغربية و الأجنبية في رفاهية تامة و سواء تحررت الأحواز أم لم تتحرر، لدينا جميع مقومات الحياة الكريمة في هذه البلدان ، لذلك نري تهاونا من قبل البعض في العمل علي مشروع الوحدة ، ذلك لإن الاولوية بالنسبة اليهم هي المصالح الشخصية و التكسبات الحزبية لا مصلحة المواطن الأحوازي الذي يعاني من أشد أنواع البطش العنصري أثناء تمسكه بهويته العربية ، علي أمل أن يري في يوم من الأيام تنظيم أحوازي يمثله ، شعاره الوحيد علم الأحواز ، و ميثاقه الوحيد الانسانية و العروبة .
أتمني من أعماق قلبي أن تصل هذه الرسالة الي كل أحوازي صاحب موقف و قلم حر ، بغض النظر عن انتماءاته الدينية و المذهبية أو الفكرية و السياسية ، و أن نساهم كلنا كأحوازيين علي القيام بخطوات ملموسة في سبيل وحدة وطنية أحوازية حقيقية توحّدنا جميعا تحت علم يتوسط الأحمر و الأسود فيه بياض تشع بوسطه نجمتنا الخضراء و تحت تنظيم واحد ألا و هو دولة الأحواز العربية .
أحمد زرقاني